أ.د صبيح المشهداني

مدير إدارة القياس والتقويم في المجلس العربي

عندما يتعلق الأمر بالإنجازات المهمة في المؤسسات يكون التركيز على معاني هذه الإنجازات بالنسبة لخطة تطور المؤسسة وآفاق مستقبلها، ولعل الإنجاز الأحدث الذي نود أن نسلط الضوء عليه هنا، قدرة المجلس العربي من خلال إدارة القياس والتقويم في الأمانة العامة والمجالس  العلمية والهيئات المحلية من عقد امتحان سريري موحد (OSCE) بمعايير عالمية عالية لمراكز التدريب الطبية في جميع الدول العربية المشاركة في أي اختصاص بشكل متزامن، وباستخدام أحدث المنصات التكنولوجية الرقمية العالمية وبشفافية عالية، وبمراقبة ومتابعة من خلال مركز التحكم والمراقبة الإلكتروني للأمانة العامة.

احتلت فكرة تقويم الأطباء المتدربين في الاختصاصات الطبية واختبار قدراتهم المعرفية والمهارية معنى مهما من حيث ضرورة أن تؤدى الاختبارات في المراكز التدريبية المعتمدة لدى المجلس العربي على نحو معياري وعادل ومتساو وشفاف، وكان علينا في إدارة القياس والتقويم ترجمة هذا الإنجاز إلى واقع حقيقي وباحترافية تتناسب مع مهنتنا الإنسانية العظيمة وقيمها العليا وذلك عبر تفاصيل العملية التقويمية لأطباء الاختصاص المقصودين كلها. 

وقد جاءت فرصة التطبيق بتعاون وثيق بين الأمانة العامة للمجلس العربي للاختصاصات الصحية وهيئة الصحة في دبي حيث عُقد امتحان سريري نهائي موحد متزامن لـ (126) طبيبًا تقدموا لنيل شهادة الزمالة العربية في اختصاص طب الأسرة من خمسة مراكز معتمدة في دول عربية مختلفة، وقد جرت فعاليات التقويم عبر منصة Speedwell إحدى أشهر المنصات العالمية المعدة للامتحانات عبر الإنترنت، وهي المرة الأولى في تاريخ هذه المنصة التي تُجرى فيها الامتحانات السريرية في خمسة مراكز لدول مختلفة بالتزامن معًا وبالامتحان نفسه وبالمحطات ذاتها، وهو إنجاز مُستَحق يسجل فضله للمجلس العربي للاختصاصات الصحية.

سبق تنظيم هذا الحدث عقد ورش تدريبية لأعضاء اللجنة الامتحانية في المجلس العلمي لطب الأسرة، ولخمسين أستاذًا ممتحنًا من الذين سيقومون على تنفيذ محطات الامتحان، فضلا عن ورشة تدريبية أساسية عقدتها إدارة القياس والتقويم أيضا لـ (36) طبيبًا من هيئة الصحة في دبي ممن يعملون في قطاع المستشفيات العامة والخاصة بهدف إعدادهم مقيمين محترفين.

إن المعنى الذي يتمثل لنا في هذا الإنجاز على مستوى المجلس العربي هو أن نكون مرجعية فنية متخصصة في تطبيق امتحانات سريرية متزامنة لأطباء الاختصاص بمواصفات معيارية عالمية، ولأجل ذلك وضعنا في اعتبارنا جملة مؤشرات نعمل عليها، تهدف إلى ضبط جودة هذه الامتحانات، ولعل أهمها:

1. التوحيد: ونعني به توحيد عملية الامتحان السريري من خلال وضع إرشادات ومعايير تقييم متسقة تتبعها جميع المراكز الامتحانية المشاركة لتقليل التباين بين المراكز وضمان تقييم كل طبيب في ظروف مماثلة.
2. التزامن: ويعني إجراء الامتحانات السريرية في وقت واحد أو ضمن إطار زمني محدد عبر جميع المراكز الامتحانية المشاركة ليتمكن النهج في الحفاظ على نزاهة عملية الامتحان وضمان فترات تقييم موحدة.
3. التقييم الشامل: وهو اشتمال الامتحان السريري على مختلف الكفايات المتوقعة من الأطباء بما في ذلك التفاعل مع المرضى والإجراءات العملية، والاستنتاج التشخيصي ومهارات التواصل.
4. التغذية الراجعة والتحسين: جمع ملاحظات شاملة من الأطباء وأعضاء لجان التقييم لتحسن الامتحانات المستقبلية وتطويرها.
5. تكامل التكنولوجيا: يتضمن الامتحانات المتزامنة أدوات رقمية مثل المنصات عبر الإنترنت لتقديم الامتحانات وجمع البيانات والمتابعة الافتراضية من مركز السيطرة لإدارة التقويم في الأمانة العامة لتسهيل التنسيق بين المراكز الامتحانية.
6. قياس النتائج: توفر البيانات التي تجمع من خلال النهج الموحد رؤى قيمة حول أداء برامج الطب المختلفة مما قد يسلط الضوء على أبسط الممارسات والمجالات التي تحتاج إلى تحسين.
7. ضمان الجودة: ويتضمن تنفيذ نظام للمراقبة وضمان الجودة، يحافظ على صرامة الامتحانات ونزاهتها.     

وختامًا فإن تمام هذا العمل على هذا النحو من الإجادة والتنظيم الاحترافي السلس، والأداء التطبيقي المتميز، جاء بسبب رؤية موحدة من جميع الأقسام في المجلس العربي وجهد تعاوني مشترك منهم، ومتابعة حثيثة من سعادة الأمين العام للمجلس العربي والأمين العام المساعد، والزملاء الأطباء في المجلس العلمي لطب الأسرة، والزملاء في هيئة صحة دبي وإدارة التعليم الطبي والأبحاث فيها، ونتطلع دائمًا إلى مزيد من الإنجازات المثمرة والمميزة في قابل الأيام إن شاء الله مع تجارب مماثلة في كل المجالس العلمية وفي جميع الدول العربية.